فى القناطر

يارب........... احفظها..................يارب

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الخميس، 20 أغسطس 2009

قانون الطفل الجديد؟؟؟؟؟؟؟؟؟

المجلس القومى للطفولة وقانون الطفل الجديد؟؟؟

قراءة في تعديلات قانون الطفل المصري


الاستاذ/عماد مصطفى قزامل



د.اماني أبو الفضل

أصدر المجلس القومي لحقوق الطفل مسودة لمشروع تعديل قانون الطفل المصري باستبدال بعض بنود القانون الحالي لعام 1996 أو بإضافة بعض البنود الجديدة.

على الرغم مما يحتويه المشروع من نقاط إيجابية تمت إضافتها "لملائمة التغيرات الثقافية في المجتمع" كما ذكرت مقدمة المشروع مثل ما يختص بالطفل المعاق، والتي هي إفراز حقيقي لتغير اجتماعي بات أكثر حساسية لحقوق الفئات التي اعتادت تاريخيًا على التهميش، إلى جانب الأبواب المخصصة لنظام العدالة والذي يعكس هو أيضًا التغير الثقافي للمجتمع بطريقة أصبحت أكثر وعيًا بالأساليب التربوية الحديثة، فإنه ما تزال هناك نقاط لا تتسق مع الميراث الثقافي والقيمي لشعب مصر.

مواثيق دولية

فالمشروع يقر في مقدمته -صراحة- بأن هذه التعديلات قد أتت "لإحكام الموائمة مع المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر"، ولعل السؤال يثور هنا: لماذا تريد الدولة ليس فقط أن توائم، بل أيضًا أن تحكم الموائمة مع مواثيق "سيئة السمعة" لا تمثل إلا الثقافة الغربية التي كتبتها ولم يتفق عليها المجتمع المدني المصري.

فهذه المواثيق المراد موائمتها هي بالتحديد "وثيقة الطفل" المصدق عليها في الأمم المتحدة في 10 من مايو 2002، إلى جانب الوثيقة المنظورة حاليًا في أروقة الأمم المتحدة والمسماة "إزالة جميع أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى"؛ فهل يعرف المجلس القومي للطفولة ما هي بعض بنود هذه المواثيق؟

ففي "وثيقة الطفل" (المادة 37 الفقرة 3، والمادة 44، الفقرة 4) إقرار صريح بحق الفتيان والفتيات في ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج عن طريق إتاحة خدمات الصحة الإنجابية لهم، وتدعو إلى الحق في الشذوذ الجنسي في المادة (15) بدعوتها إلى الاعتراف بالأسر المتنوعة (أي طبيعية وشاذة)، وهذا فقط -لدواعي المساحة- غيض من فيض "الانحلال الخلقي" لهذه الوثيقة المراد موائمتها.

أما عن وثيقة الطفلة الأنثى فبنودها تخطت الحدود:

فالفقرة 115 تقضي "بحق" الطفلة (أقل من 18 سنة) في تحديد متى تصبح ناشطة جنسيا، والفقرات رقم 130.82.27 من الوثيقة توصي بتوفير معلومات الصحة الجنسية للطفلة وتوفير احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليمهم ممارسة الجنس الآمن، أي ممارسة الجنس في المدارس شريطة توفير وسائل منع الحمل والوقاية من مرض الإيدز.

وفي المقابل تحارب الوثيقة الزواج المبكر وتعتبره شكلا من أشكال العنف ضد الفتاة، وتطلق الوثيقة في الفقرات 96 الحرية للفتيات السحاقيات، مؤكدة ضرورة الحفاظ على حق تحديد الهوية الجنسية للفتيات والتوجه الجنسي لهن باختيار جنس الشريك، كما تدعو لمراعاة حق الشاذات في التعبير عن آرائهن حول الشذوذ.

أما الفقرة 49 من الوثيقة فتعتبر الدين -خاصة في الدول التي تعتبر فيها الدين أساس التشريع- مقيدا للحرية ويحد من فرص المساواة (قضية الميراث الإسلامي) وتصف الوثيقة في الفقرات 48 عذرية الفتاة بأنها نوع من الكبت الجنسي، واعتبرتها أحد أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى، وهذا أيضًا غيض من فيض الفجور الذي يلهث المجلس القومي الذي استأمناه على صغارنا أن يوائمه وبإحكام.

إن خلفية إصدار هذا القانون "المعيب" هو إنفاذ ما وعد به الوفد المصري لدى الأمم المتحدة في جلسة الأسبوع الأول من الاجتماع الحادي والخمسين والذي تقدمت فيه كل الوفود الرسمية للدول الأعضاء بتقارير عن الإنجازات التي قامت بها الحكومات في مجال تطبيق وثائق الأمم المتحدة للمرأة والطفل والتغيرات المزمع إجراؤها، وقد وعد تقرير الوفد المصري الرسمي بالآتي:

- رفع التحفظات عن اتفاقية حقوق الطفل، والسعي إلى توفيق قانون الطفل لعام 1996 مع بنود الاتفاقية. (البنود التي أوردناها!)
- السعي لرفع السن الدنيا لزواج الفتاة إلى 18 عاما.
-السعي لضمان حقوق الطفل المولود خارج نطاق الزواج.
وهي بالضبط النقاط المراد إضافتها إلى القانون الجديد هكذا ببساطة وفي تحد لإرادة المجتمع المدني "الحقيقي".

القانون المعدل

إن من يقرأ مشروع القانون الجديد لن تخفى عليه منذ اللحظة الأولى سريان النسق التربوي الغربي (الذي تفرضه الوثائق الدولية) القائم على إعلاء مبدأ استقلالية الأطفال وتقليص الولاية التربوية للأبوين -وأحيانًا تقويضها- لصالح مؤسسات الدولة وذلك بزعم حماية الطفل من العنف البدني والمعنوي والإساءة إليه.

نعترف بأن هناك حالات صارخة لآباء فقدوا غريزة الأبوة ومارسوا العنف ضد أطفالهم بالضرب المبرح والقتل والحرمان من التعليم.. بل اغتصاب المحارم أيضًا، واستحقوا أن تنزع عنهم حضانة هذه الأطفال، ولكنهم ما يزالون حالات فردية لا ترقى لمستوى الظاهرة بجانب هؤلاء الآباء الذين يفنون أعمارهم ويكدون بالليل والنهار ليضمنوا أفضل تعليم ورفاهية لأولادهم وبناتهم دون تفرقة.

فلم إذن العقاب الجماعي والوعيد بالويل والثبور وحرمان الآباء من أبنائهم وإعطائهم للأسر البديلة أو لمؤسسات الدولة (بند 4 ص 14) و(ص11) إذا ما تهددت صحتهم البدنية والمعنوية التي لم يحدد القانون على مدى صفحاته أشكالها؟ (وخاصة أننا قد استمعنا مباشرة إلى وجهة نظر أصحاب الوثائق الدولية أثناء تحضيرها، ونعرف أبعاد هذه المصطلحات التي تبدو عقلانية لمن لم يستمع).

لقد انتابنا نحن الآباء والأمهات هذا الهلع من استدعاء التجربة الغربية التي فتتت الأسر هناك رغمًا عن أنف الآباء، فإذا منع الأب ابنه من الانضمام لأصدقاء السوء أو شلة الإدمان أو منع ابنته المراهقة من خوض علاقة غير شرعية واستخدم حقه في إيقاع العقاب البدني والنفسي، فهذا إيذاء بدني ونفسي "Physical and spiritual abuse" وبناء عليه تتدخل نجدة الطفل مع حكم قاس بنزع حضانته لأطفاله! وبذلك يكون الطريق الوحيد لكي يحتفظ الأبوان بحضانة أبنائهم دون حرمان منهم هو تملقهم ضد ما فيه مصلحتهم والتغاضي عن أخطائهم التربوية.

لا أحد يوافق على الإيذاء البدني أو الإساءة المعنوية للطفل، ولكن هناك فرق بين "الإيذاء" وبين "العقوبة البدنية المحسوبة" في ظروف بعينها، ولأطفال بعينهم يترك للوالدين (أصحاب الأهلية الأصليين) تقديرها.

فهل سيعتبر المجلس القومي ضربة على ظهر يد الطفل لكيلا يهمل الصلاة أو أداء الواجب المدرسي بعد نفاد الحيل السلمية عنفًا تتدخل فيه الدولة؟ وهل يعتبر توبيخ الأم "مهما قسا" لبنت ارتدت ملابس غير لائقة أو علت ضحكتها في الطريق العام إساءة معنوية؟
والأنكى من ذلك أعطى القانون الفرصة للمحيطين حق التجسس والإبلاغ عما يراه القانون إساءة.

إن المجتمع المدني المتحفظ الذي يورث أبناءه القيم -وحتى إن لجأ لبعض القسوة في حدود للحفاظ على هذا الميراث- يطالب واضعي القانون بتحديد واضح لا لبس فيه لمفهوم الإساءة البدنية والمعنوية حتى لا يضيع هذا الميراث كما ضاع في الدول صاحبة المواثيق.

يكفينا أن تدخل الدولة بتقويض الولاية التربوية لمدرسي المدارس بمنع "كل" أشكال العقاب البدني -حتى بالوقوف في حائط الذنب لحصة واحدة!- لمجرد أن هناك بعض الحالات الفردية التي أفضت إلى إصابات وكان من الممكن معالجتها فرديًا، قد أحال المدارس المصرية إلى "مدرسة المشاغبين"، وانحط بسببه التعليم إلى ما تحت الصفر، وانعدمت قيم مهابة المدرس، فهل هذا تكملة للسيناريو ليشمل البيوت أيضًا؟ وبهذا ينفرط عقد العلاقات الأسرية كما انفرط عقد التعليم؟

رفع سن الزواج

ولعل أكثر ما يثير الاستغراب في هذا التعديل المزمع هو ما يقره –كما وعد في الأمم المتحدة- برفع سن زواج البنت إلى 18 سنة.

لقد نصت مقدمة التعديل أن من أهدافه أيضًا موائمة أرض الواقع والتغيرات الثقافية في المجتمع، فهلا عرف المجلس القومي أن أرض الواقع هي العنوسة وارتفاع سن الزواج طبيعيًا إلى ما فوق الثلاثين؟ وألا يعرف أن أرض الواقع هو هذا الكم الهائل من سكان العشوائيات الذين ينحشرون صبيانًا وبناتًا متلاصقين في لحاف واحد لضيق المكان وقلة ذات اليد؟ الكل في مصر يعلم ماذا يحدث في هذه البيئات حتى أنه صار موضوعًا لأفلام تُشاهد! فأيهما أعقل: رفع سن الزواج كما ينادي القانون وإعطاء أطول فرصة ممكنة في عمر هؤلاء البنات لتحمل هذه الانتهاكات ضدهن؟ أم تشجيع وإعانة راغبي الزواج المبكر –شريطة ألا يكون قسريًا وألا يكون دون البلوغ وألا يتعارض مع التعليم- كحل على أرض الواقع لهذه المشكلة؟ بدلا من تفصيل قوانين لإجهاض المغتصبات والاعتراف بمواثيق تعلم البنات منع الحمل قبل الزواج! إن تطبيق هذا البند سيفجر قنبلة العشوائيات الأخلاقية الموقوتة.

وكما وعد الوفد لدى الأمم المتحدة تم إضافة بند ص (13) يقول: "ويقبل التبليغ عن المولود خارج إطار الزوجية... ويدون في السجل اسم من يقر بأبوته وأمومته". ونحن في هذا نستغيث بمجمع البحوث الإسلامية لفك هذا الطلسم.

فبعيدًا عن الشبهات الشرعية المتمثلة في اختلاط الأنساب وفوضى المواريث، والشبهات القانونية لهذا التزوير الإجرامي في أوراق رسمية والذي سيشجع ويفتح الباب أمام إنجاب أطفال غير شرعيين كنتيجة لممارسات خارج إطار الزواج ستصبح مطمئنة بعد إنفاذ القانون، أو يفتح الباب للاتجار بالمواليد، يعتبر هذا البند تعارضًا صارخًا لبند آخر في نفس القانون وهو البند (ا) في ص 2 والقائل: "النص على أن للطفل الحق في معرفة والديه وفي إثبات نسبه إليهما دون غيرهما ويكون له قدر الإمكان الحق في إثبات نسبه بكافة الوسائل بما فيها الوسائل العلمية الحديثة". وكأن القانون غير متسق داخليًا بسبب الهرولة في وضعه لتحقيق أمنية المجتمع الدولي.

نحن نهيب بالمجلس القومي للطفولة أن يعيد النظر في هذا المشروع وفك ارتباطه غير المنطقي بمواثيق هي نتاج ثقافات أخرى قد أتت ثمارها منذ زمن في مجال العلاقات الإنسانية المتردية من عنف أطفال يصل إلى حد إطلاق النار داخل المدارس الأمريكية، ومن أطفال يولدون خارج إطار الزواج بلغت نسبتهم 40% من مجمل أطفال فرنسا، ومخدرات أو على أقل تقدير أطفال مدللة لا تعرف إلا لغة الحقوق دون الواجبات مما لا يصلح في أمة تربية الأطفال فيها هي قضية "أمن قومي" لا وقت للتجارب فيها.

فهل هذا ما يريد المجلس؛ أخذ فلذات أكبادنا؟ أم أخذ أمننا القومي إليه؟؟

ليست هناك تعليقات: